abohif ©{« رئيس المنتدى »}©
تاريخ الميلاد : 06/02/1992 اعلام البلااد : العمر : 32 تاريخ التسجيل : 17/03/2009
| موضوع: مواقف فى حياة الرسول صلى الله عليه وسلم الخميس أبريل 09, 2009 10:16 pm | |
| منذ بدأ الرسول الهادي محمد (ص) مهمة الدعوة إلى الله سبحانه ، ونشر عقيدة التوحيد والتبشير بمبادئ الإسلام عمل على الغاء الطبقية ، ومكافحة الظلم والاستغلال ، والمناداة بالعدالة والمساواة في المجتمع الانساني . . لذا حشدت قوى الطاغوت والاستبداد كل إمكاناتها لمحاربة دعوة الإسلام إلى هذه المبادئ ، والوقوف بوجه تلك الثورة التي حملها الإسلام على التخلف والظلام . .
فقد حورب الرسول (ص) بكل أساليب الحرب والمواجهة ، من التكذيب والاتهام والحصار ، والتخطيط لقتله واخراجه من بلده ، وشنّت حملة ظالمة من التعذيب والارهاب والحرب النفسية عليه وعلى أصحابه ، حتى استشهد بعضهم تحت وطأة التعذيب ، أمثال ياسر وسمية (رضي الله عنهما) ، ثمّ شنت حملات الحرب العدوانية عليه وهو في المدينة المنورة ، وتحالفت قريش مع المنافقين واليهود ضدّ الدعوة ونبيها العظيم . . كل ذلك فعلته قريش وحلفاؤها . .
ولكن أبى الله سبحانه إلاّ أن يتم نوره ولو كره الكافرون . . وسارت الدعوة في مسارها الرائد ، تهدم أبنية الجاهلية والظلام ، وتخاطب العقول النيِّرة ، والمشاعر الإنسانية المتفتحة على حبّ الخير وإصلاح الإنسان ، فأقبل الناس على تلك الدعوة ، وحدث التغيير العقائدي والنفسي والحضاري الكبير . .
وأمام هذا التراكم من الأحقاد ومعاداة الرسول (ص) وأصحابه ودعوته . . كان القرآن ينادي بالعفو والمغفرة ومقابلة الإساءة بالإحسان ، ويطلب من الرسول (ص) أن يصبر ، ويدفع بالتي هي أحسن ، وأن يعفو ويصفح الصفح الجميل . .
فكان الرسول (ص)المثال الكامل في تطبيق تلك المبادئ والقيم الأخلاقية والسياسية الرشيدة ، وكان اسلوبه الاسلوب الأمثل في حمل الدعوة وتبليغها والمخاطبة بها . . نلتقط من مواقف الرسول (ص) وسيرته العملية بعضاً من تلك الأمثلة الرائدة في عالم السياسة والحرب والأخلاق والدعوة . .
في السنة الثالثة من الهجرة أغار جيش المشركين على المدينة المنورة ، ووقعت معركة اُحُد . . وفي تلك المعركة قتل أسد الله وأسد رسوله ، عمّ الرسول (ص) حمزة بن عبدالمطلب . . قتله غلام لجبير بن مطعم إسمه وحشي . . طعنه بحربة غدراً فقتله . . فجاءت هند زوجة أبي سفيان ، ومعها جمع من نساء قريش إلى ساحة المعركة ، فمثلن بقتلى المسلمين ، يقطعن آذانهم وأنوفهم ويمثّلن بهم ، تشفياً وحقداً على أولئك القتلى الشهداء ، الذين دافعوا عن الحق ،
وجاهدوا لإنقاذ الإنسان من الظلم وعبودية الطاغوت . . وقد بلغ الحقد والتشفي بهند أن تصنع من آذان القتلى وأنوفهم قلادة وخلخالاً لها .
قال ابن إسحاق يصف ذلك المنظر السادي البشع : «ووقعت هند بنت عتبة ، كما حدّثني صالح بن كيسان ، والنسوة اللاّتي معها يمثلن بالقتلى من أصحاب رسول الله (ص) يجدعن الآذان والأ نُف ، حتى اتخذت هند آذان الرجال وأ نُفهم خدماً وقلائد ، وأعطت خدمها وقلائدها وقرطتها وحشياً ، غلام جبير بن مطعم ، وبقرت عن كبد حمزة ، فاكلاتها ، فلم تستطع أن تسيغها فلفظتها .. . وانجلت المعركة ، وانسحب الجيشان ، وراح المسلمون يتفقدون القتلى ،
فوقف رسول الله (ص) على أجساد الشهداء (رضي الله عنهم) ، ورأى بعينه ما فعل المشركون بهم ، وشاهد المثلة في جسد عمّه حمزة .. فتوعد المشركين هو وأصحابه بإنزال العقوبة ، والتنكيل بهؤلاء المجرمين إن ظفروا بهم . .
فأنزل الله سبحابه الآية الكريمة تدعو إلى العقاب بالمثل ، وتطالب بما هو أسمى ، تطالب بالعفو ،
فأنزل الله سبحانه في ذلك : (وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين * واصبر وما صبرك إلاّ بالله ولا تحزن عليهم ولا تك في ضيق مما يمكرون ) (النحل / 126 ـ 127) .
فعفا رسول الله (ص) ونهى عن المثلة» .
ونقل كتّاب السِّيَر قول رسول الله (ص) بعد نزول هذه الآية : (أصبر ، أصبر) . وتوالى الصراع بين الفريقين ، وحقق الله النصر لمحمد (ص) يوم فتح مكة ، بعد خمس سنوات تقريباً من تلك الحوادث المفجعة فعفا رسول الله (ص) عن أولئك المجرمين القتلة ، وشملهم بعفوه ، وقال كلمته المشهورة : «يا معشر قريش ما ترون أنِّي فاعل فيكم ؟ قالوا خيراً ، أخ كريم ، وابن أخ كريم ، قال : إذهبوا فأنتم الطلقاء» .
العفو عن اليهودية :
ومنذ قدم رسول الله (ص) المدينة المنورة قام بكتابة عهد موادعة وسلام بينه وبين اليهود ، وكانوا يشكلون جزءاً من سكان المدينة . . غير أنّ اليهود لم يلتزموا بذلك العهد ، بل راحوا يتآمرون على النبي (ص) ويتحالفون مع خصومه من المشركين والمنافقين على حربه وقتاله ، ويثيرون الفتن والأراجيف والإشاعات الكاذبة في المدينة ، وخططوا لقتل الرسول (ص) فأنجاه الله سبحانه . .
ومن تلك المحاولات محاولة اليهودية التي دست للرسول سماً في شاة مشوية فأخبره الوحي بخبرها ، وانكشف أمر اليهودية . . وماذا يمكن أن يكون الموقف ممن أقدمت على تلك المؤامرة . .
روى الإمام محمد بن علي الباقر (عليه السلام) : «إن رسول الله (ص) أُتي باليهودية التي سمَّت الشاة للنبي (ص) ، فقال لها : ما حملك على ما صنعت ؟ فقالت : قلت إن كان نبياً لم يضره ، وإن كان ملكاً أرحت الناس منه ، قال : فعفا رسول الله عنها .
وذكر ابن الأثير تلك الحادثة بروايته الآتية : «ولما استقر رسول الله (ص) أهدت له زينب بنت الحارث إمرأة سلام بن مشكم شاة مصلية مسمومة ، فوضعتها بين يديه ، فأخذ رسول الله (ص) منها مضغة ، فلم يسغها ، ومعه بشر بن البراء بن معرور ، فأكل بشر منها ، وقال رسول الله (ص) : إن هذه الشاة تخبرني أنها مسمومة ، ثمّ دعا المرأة فاعترفت ، فقال : ما حملك على ذلك ؟ قالت : بلغتَ من قومي ما لم يخفَ عليك ، فقلت : إن كان نبياً فسيخبر ، وإن كان ملكاً استرحنا منه ، فتجاوز عنها .. » .
ذلك رسول الله (ص) في عفوه وسعة رحمته بخصومه وأعدائه ، إنّه المنهج الأخلاقي الفريد في عالم السياسة والصراع . . تلك قيم الاسلام وأهدافه يجسدها الرسول (ص) سلوكاً وسياسة عملية . . إن هدف الاسلام هو الهداية والإصلاح ونشر المحبّة والسلام في الأرض لذا فإنّ الحرب في مفهومه ليست أداة للانتقام ، بل هي وسيلة لإحقاق الحق وإرغام الطاغوت على التراجع عن سياسته الشريرة ، واصراره على الباطل منقول للفائده
| |
|